فصل: فَصْلٌ: (في المسح على الخفين):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى



.فَصْلٌ: [في المسح على الخفين]:

(وَيَمْسَحُ مُقِيمٌ مُطْلَقًا) مُطِيعًا أَوْ عَاصِيًا، (وَعَاصٍ بِسَفَرِهِ) كَآبِقٍ (يَوْمًا وَلَيْلَةً مِنْ حَدَثٍ بَعْدَ لُبْسٍ إلَى مِثْلِهِ) أَيْ: مِثْلِ وَقْتِ ابْتِدَاءِ الْحَدَثِ. وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ: (وَيَتَّجِهُ: وَأَوَّلُهُ)- أَيْ: أَوَّلُ ابْتِدَاءِ الْمَسْحِ- (دُخُولُ وَقْتٍ لِكُلٍّ دَائِمٍ حَدَثٍ) تَطَهَّرَ قَبْلَهُ، إذْ بِدُخُولِ الْوَقْتِ يُنْتَقَضُ وُضُوءُهُ فَيَبْتَدِئُ الْمُدَّةَ مِنْ حِينَئِذٍ، (أَوْ) مِنْ حِينِ (نُقِضَ بـِ) طُرُوءِ نَاقِضٍ (غَيْرِهِ)- أَيْ: غَيْرِ الْحَدَثِ الدَّائِمِ فَعَلَى فَرْضِ صِحَّةِ هَذَا الِاتِّجَاهِ أَنَّهُ يُنْتَقَضُ وُضُوءُ دَائِمِ الْحَدَثِ مُطْلَقًا مَعَ أَنَّهُ يَأْتِي فِي بَابِ الْحَيْضِ أَنَّهُ يُنْتَقَضُ وُضُوءُهُ بِدُخُولِ الْوَقْتِ إنْ خَرَجَ شَيْءٌ، وَإِلَّا فَلَا.
(وَ) يَمْسَحُ (ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ بِلَيَالِيِهِنَّ مَنْ بِسَفَرِ قَصْرٍ لَمْ يَعْصِ بِهِ)- أَيْ: بِالسَّفَرِ- بِأَنْ كَانَ غَيْرَ مُحَرَّمٍ وَلَا مَكْرُوهٍ، وَلَوْ عَصَى فِيهِ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لِلْمُسَافِرِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهنَّ، وَلِلْمُقِيمِ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ» رَوَاه أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ (أَوْ)- أَيْ: وَيَمْسَحُ ثَلَاثَةً بِلَيَالِيِهِنَّ مَنْ (سَافَرَ) سَفَرَ قَصْرٍ مُبَاحًا (بَعْدَ حَدَثٍ) وَ(قَبْلَ مَسْحٍ وَيَتَّجِهُ: وَفَارَقَ الْبِنَاءَ) وَأَمَّا لَوْ مَسَحَ فِي أَثْنَاءِ الْبِنَاءِ الْمَنْسُوبِ لِلْبَلْدَةِ الَّتِي سَافَرَ مِنْهَا، فَلَا يَتَجَاوَزُ مَسْحَ مُقِيمٍ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ. (وَيَخْلَعُ بِمُضِيِّ مُدَّةٍ) مِنْ ابْتِدَاءِ حَدَثٍ، (وَإِنْ لَمْ يَمْسَحْ فِيهَا) أَيْ: الْمُدَّةِ لِفَرَاغِهَا وَمَا لَمْ يُحْدِثْ، فَلَا تُحْسَبُ الْمُدَّةُ، فَلَوْ أَقَامَ عَلَى طَهَارَةِ اللُّبْسِ يَوْمًا وَلَيْلَةً أَوْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، ثُمَّ أَحْدَثَ، اسْتَبَاحَ بَعْدَ الْحَدَثِ الْمُدَّةَ، وَلَوْ مَضَتْ الْمُدَّةُ، وَخَافَ النَّزْعَ لِنَحْوِ مَرَضٍ أَوْ تَضَرُّرِ رَفِيقِهِ بِسَفَرٍ بِانْتِظَارِهِ أَوْ اشْتَغَلَ بِنَزْعِ نَحْوِ خُفٍّ تَيَمَّمَ، فَإِنْ مَسَحَ وَصَلَّى أَعَادَ. (وَمَنْ مَسَحَ مُسَافِرًا، ثُمَّ أَقَامَ)؛ لَمْ يَزِدْ عَلَى مَسْحِ مُقِيمٍ. (وَيَتَّجِهُ) أَنْ تَكُونَ إقَامَتُهُ (إقَامَةً تَمْنَعُ الْقَصْرَ)، كَكَوْنِهَا أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ فَأَكْثَرَ، أَوْ يَنْوِي بِإِقَامَتِهِ هَذَا الْقَدْرَ، وَلَوْ لَمْ يُقِمْ فَيُتِمُّ مَسْحَ مُقِيمٍ إنْ بَقِيَ مِنْ مُدَّتِهِ شَيْءٌ وَإِلَّا خَلَعَ فِي الْحَالِ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ (أَوْ) مَسَحَ (مُقِيمًا) أَقَلَّ مِنْ مُدَّتِهِ (ثُمَّ سَافَرَ)، لَمْ يَزِدْ عَلَى مَسْحِ مُقِيمٍ، (أَوْ شَكَّ) مَاسِحٌ سَافَرَ (فِي ابْتِدَائِهِ)- أَيْ: الْمَسْحِ- بِأَنْ لَمْ يَدْرِ أَمَسَحَ مُقِيمًا أَوْ مُسَافِرًا؟ (لَمْ يَزِدْ عَلَى مَسْحِ مُقِيمٍ) لِأَنَّهُ الْيَقِينُ، وَمَا زَادَ لَمْ يَتَحَقَّقْ شَرْطُهُ، وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ، (فَيَخْلَعُ) الْخُفَّ وَنَحْوَهُ (فِي الْحَالِ مُسَافِرٌ مَسَحَ يَوْمًا وَلَيْلَةً، ثُمَّ أَقَامَ) لِانْقِطَاعِ سَفَرِهِ، (وَلَوْ صَلَّى) مُسَافِرٌ مَسَحَ يَوْمًا وَلَيْلَةً، (فَنَوَى الْإِقَامَةَ فِي أَثْنَائِهَا)- أَيْ: الصَّلَاةِ- بَطَلَتْ، لِانْقِضَاءِ مُدَّةِ الْمَسْحِ، (وَكَذَا لَوْ كَانَ فِي سَفِينَةٍ)، وَتَلَبَّسَ فِي صَلَاةٍ بَعْدَ مُضِيِّ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ، (فَدَخَلَ) مَحَلَّ الْإِقَامَةِ (فِي أَثْنَائِهَا) أَيْ: الصَّلَاةِ- بَطَلَتْ فِي الْأَشْهَرِ، قَالَهُ فِي الرِّعَايَةِ (وَ) إنْ تَوَضَّأَ (شَاكٌّ فِي بَقَاءِ مُدَّةِ) الْمَسْحِ، (فَلَا يَمْسَحُ) مُقِيمًا كَانَ أَوْ مُسَافِرًا مَا دَامَ الشَّكُّ، لِعَدَمِ تَحَقُّقِ شَرْطِهِ، (فَإِنْ مَسَحَ) مَعَ الشَّكِّ (فَبَانَ بَقَاؤُهَا) أَيْ: الْمُدَّةِ؛ (صَحَّ) وُضُوءُهُ، لِتَحَقُّقِ الشَّرْطِ (وَلَا) يُصَلِّي بِهِ (قَبْلَ تَبَيُّنِ) بَقَاءِ الْمُدَّةِ، (فَإِنْ فَعَلَ) إذَنْ (أَعَادَ)، وَإِنْ لَمْ يُتَبَيَّنْ بَقَاؤُهَا لَمْ يَصِحَّ وُضُوءُهُ. (وَيَجِبُ مَسْحُ دَوَائِرِ أَكْثَرِ الْعِمَامَةِ)، لِأَنَّهَا أَحَدُ الْمَمْسُوحَيْنِ عَلَى وَجْهِ الْبَدَلِ، فَأَجْزَأَ مَسْحُ بَعْضِهِ كَالْخُفِّ، وَ(لَا) يَلْزَمُ مَسْحُ (وَسَطِهَا)، بَلْ وَلَا يَكْفِي، لِأَنَّهُ يُشْبِهُ أَسْفَلَ الْخُفِّ، (وَ) يَجِبُ مَسْحُ (أَكْثَرِ أَعْلَى نَحْوِ خُفٍّ) عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. (وَسُنَّ) مَسْحُهُ (بِأَصَابِعِ يَدَيْهِ مُفَرَّجَةً مِنْ أَصَابِعِهِ)- أَيْ: أَصَابِعِ قَدَمِهِ- إلَى سَاقِهِ مَرَّةً وَاحِدَةً مَعًا، مِنْ غَيْرِ تَقْدِيمِ إحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى، لِمَا رَوَى الْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ، وَوَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى خُفِّهِ الْأَيْمَنِ، وَيَدَهُ الْيُسْرَى عَلَى خُفِّهِ الْأَيْسَرِ، ثُمَّ مَسَحَ أَعْلَاهُ مَسْحَةً وَاحِدَةً» (وَفِي التَّلْخِيصِ) وَالتَّرْغِيبِ (يُسَنُّ تَقْدِيمُ يُمْنَى عَلَى يُسْرَى)، وَحَكَاهُ فِي الْمُبْدِعِ عَنْ الْبُلْغَةِ وَقَالَ: حَدِيثُ الْمُغِيرَةِ لَيْسَ فِيهِ تَقْدِيمٌ. (وَلَا يُجْزِئُ مَسْحُ أَسْفَلِهِ وَعَقِبِهِ) أَيْ: الْخُفِّ- إنْ اقْتَصَرَ عَلَيْهِمَا.
قَالَ فِي الْإِنْصَافِ: قَوْلًا وَاحِدًا (وَلَا يُسَنُّ) مَسْحُهُمَا مَعَ أَعْلَى الْخُفِّ، لِقَوْلِ عَلِيٍّ لَوْ كَانَ الدِّينُ بِالرَّأْيِ لَكَانَ أَسْفَلُ الْخُفِّ أَوْلَى بِالْمَسْحِ مِنْ ظَاهِرِهِ، وَقَدْ «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْسَحُ ظَاهِرَ خُفَّيْهِ» رَوَاه أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد. (وَحُكْمُ مَسْحِهِ)- أَيْ: الْخُفِّ- (بِأُصْبُعٍ أَوْ) أَكْثَرَ أَوْ (بِحَائِلٍ)، كَخِرْقَةٍ وَخَشَبَةٍ مَبْلُولَتَيْنِ، (وَحُكْمُ غَسْلِهِ كَرَأْسٍ) فِي وُضُوءٍ، وَلَوْ مَسَحَ مِنْ سَاقٍ الْخُفِّ لِأَصَابِعِهِ أَجْزَأَ، (وَكُرِهَ غَسْلُ) الْخُفِّ لِعُدُولِهِ عَنْ الْمَأْمُورِ، وَلِأَنَّهُ مَظِنَّةُ إفْسَادِهِ، (وَ) كُرِهَ أَيْضًا (تَكْرَارُ مَسْحِ) الْخُفِّ: بِفَتْحِ التَّاءِ وَكَسْرِهَا، اسْمُ مَصْدَرٍ، لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى غَسْلِهِ.

.(فَصْلٌ): [متى يبطل المسح]:

(وَمَتَى ظَهَرَ) بَعْدَ حَدَثٍ وَقَبْلَ انْقِضَاءِ مُدَّةٍ مِنْ عِمَامَةٍ مَمْسُوحَةٍ (بَعْضُ رَأْسٍ، وَفَحُشَ)- أَيْ: كَثُرَ- (أَوْ انْتَقَضَ بَعْضُ عِمَامَةٍ، وَلَوْ) كَانَ الْمُنْتَقَضُ مِنْهَا (كَوْرًا وَاحِدًا)، اسْتَأْنَفَ الطَّهَارَةَ، أَشْبَهَ نَزْعَ الْخُفِّ. (أَوْ ظَهَرَ بَعْضُ قَدَمٍ)، اسْتَأْنَفَ الطَّهَارَةَ، (أَوْ خَرَجَ) الْقَدَمُ (إلَى سَاقٍ) نَحْوِ (خُفٍّ)، اسْتَأْنَفَ الطَّهَارَةَ، (لِعَدَمِ اسْتِقْرَارِهَا)- أَيْ: الْقَدَمِ- (فِيهِ)- أَيْ: الْخُفِّ- (إذَنْ)، أَيْ: وَقْتَ خُرُوجِهَا إلَى سَاقِهِ، (أَوْ انْقَطَعَ دَمِ نَحْوِ مُسْتَحَاضَةٍ)، كَمَنْ بِهِ سَلَسُ بَوْلٍ، اُسْتُؤْنِفَتْ الطَّهَارَةُ، لِأَنَّ طَهَارَتَهَا إنَّمَا صَحَّتْ لِلْعُذْرِ، فَإِذَا زَالَ بَطَلَتْ عَلَى الْأَصْلِ، كَمَنْ تَيَمَّمَ لِمَرَضٍ وَعُوفِيَ مِنْهُ (أَوْ انْقَضَتْ مُدَّةُ مَسْحٍ، وَلَوْ) كَانَ انْقِضَاؤُهَا، أَوْ وُجِدَ شَيْءٌ مِمَّا تَقَدَّمَ (فِي نَحْوِ صَلَاةٍ)، كَطَوَافٍ (بَطَلَتْ) صَلَاتُهُ (وَاسْتَأْنَفَ طَهَارَةً) أُخْرَى إذَا أَرَادَ فِعْلَ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهَا، لِأَنَّ طَهَارَتَهُ مُؤَقَّتُهُ فَبَطَلَتْ بِانْتِهَاءِ وَقْتِهَا، كَخُرُوجِ وَقْتِ الصَّلَاةِ فِي حَقِّ الْمُتَيَمِّمِ، (وَلَوْ لَمْ تَفُتْ مُوَالَاةٌ)، وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْمَسْحَ يَرْفَعُ الْحَدَثَ، وَعَلَى أَنَّ الْحَدَثَ لَا يَتَبَعَّضُ فِي النَّقْضِ، فَإِذَا خَلَعَ عَادَ الْحَدَثُ إلَى الْعُضْوِ الَّذِي مُسِحَ الْحَائِلُ عَنْهُ فَيَسْرِي إلَى بَقِيَّةِ الْأَعْضَاءِ فَيَسْتَأْنِفُ الْوُضُوءَ، وَإِنْ قَرُبَ الزَّمَنُ، قَالَ أَبُو الْمَعَالِي وَغَيْرُهُ: إنَّ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ. (وَيَمْسَحُ جَمِيعَ جَبِيرَةٍ) لَمْ تَتَجَاوَزْ قَدْرَ الْحَاجَةِ بِشَدِّهَا (إلَى حَلِّهَا) أَوْ بُرْءِ مَا تَحْتَهَا (وَالْمَسْحُ عَلَيْهَا) أَيْ: الْجَبِيرَةِ- (عَزِيمَةٌ فَتُمْسَحُ بِسَفَرِ مَعْصِيَةٍ، وَفِي نَحْوِ حَدَثٍ أَكْبَرَ)، كَحَيْضٍ وَنِفَاسٍ، (إذَا وُضِعَتْ عَلَى طَهَارَةٍ، وَلَمْ تَتَجَاوَزْ الْمَحَلَّ) بِشَدِّهَا (إلَّا بِمَا لَا بُدَّ مِنْ وَضْعِ الْجَبِيرَةِ عَلَيْهِ) مِنْ الصَّحِيحِ، (لِأَنَّهَا إنَّمَا تُوضَعُ عَلَى طَرَفَيْ الصَّحِيحِ) لِيَسْتَوْعِبَ الشَّدُّ جَمِيعَهَا.
(وَ) لَوْ وُضِعَتْ (عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ وَخِيفَ) مِنْ (نَزْعِهَا، كَفَاهُ تَيَمُّمٌ) عَنْهَا عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، (فَلَوْ عَمَّتْ) الْجَبِيرَةُ (مَحَلَّهُ)- أَيْ: التَّيَمُّمِ- (مُسِحَتْ بِمَاءٍ) وَصَلَّى وَلَا إعَادَةَ، (وَ) لَوْ وُضِعَتْ (عَلَى طَهَارَةٍ وَجَاوَزَتْ الْمَحَلَّ وَخِيفَ نَزْعُهَا تَيَمَّمَ لِزَائِدٍ) عَلَى مَحَلِّ الْحَاجَةِ، (وَمُسِحَ)- بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ- (غَيْرُهُ)، وَهُوَ مَا جَاوَزَ مَحَلَّ الْحَاجَةِ، (وَغُسْلٌ صَحِيحٌ)، فَيَجْتَمِعُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ الْغُسْلُ وَالْمَسْحُ وَالتَّيَمُّمُ، (وَدَوَاءٌ) لُصِقَ عَلَى جُرْحٍ أَوْ وُضِعَ (وَلَوْ قَارًا) جُعِلَ (فِي شَقِّ) رِجْلٍ وَنَحْوِهَا كَمِرَارٍ أَلْقَمَهَا أُصْبُعَهُ الْمُتَأَلِّمَةَ (وَخِيفَ) ضَرَرٌ (بِقَلْعِهِ كَجَبِيرَةٍ) إذَا وَضَعَهَا عَلَى طَهَارَةٍ، جَازَ الْمَسْحُ عَلَيْهَا، لِأَنَّهَا فِي مَعْنَاهَا. (وَحُكْمُ زَوَالِهَا) أَيْ: الْجَبِيرَةِ- (كـَ) حُكْمِ خَلْعِ (خُفٍّ)، وَكَذَا بُرْدُهَا، لِأَنَّ مَسْحَهَا بَدَلٌ عَنْ غَسْلِ مَا تَحْتَهَا، (وَلَوْ) كَانَ زَوَالُهَا (قَبْلَ بُرْءِ جُرْحٍ أَوْ كَسْرٍ إلَّا فِي) الطَّهَارَةِ (الْكُبْرَى، فَيُجْزِئُ غَسْلُ مَا تَحْتَهَا، لِعَدَمِ وُجُوبِ مُوَالَاةٍ) فِيهَا، قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُنْتَهَى وَغَيْرِهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ لَك أَنَّ الصَّحِيحَ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ لَيْسَتْ مَبْنِيَّةً عَلَى وُجُوبِ الْمُوَالَاةِ بَلْ عَلَى رَفْعِ الْمَسْحِ لِلْحَدَثِ وَعَدَمِ تَبَعُّضِهِ، وَإِذَنْ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا. (وَيَتَّجِهُ أَوْ) إلَّا إذَا زَالَتْ الْجَبِيرَةُ أَوْ بَرِئَتْ بَعْدَ الْمَسْحِ عَلَيْهَا (فِي) طَهَارَةٍ (صُغْرَى مَعَ قَصْرِ فَصْلٍ)، فَيُجْزِئُ غَسْلُ مَا تَحْتَهَا، وَلَا يَجِبُ اسْتِئْنَافُ الطَّهَارَةِ لِبَقَاءِ الْمُوَالَاةِ بِحَالِهَا، وَهُوَ مُتَّجِهٌ. وَيَحْرُمُ الْجَبْرُ بِجَبِيرَةٍ نَجِسَةٍ كَجِلْدِ الْمَيْتَةِ وَالْخَرِقَةِ النَّجِسَةِ وَالْخُفِّ النَّجِسِ، وَكَذَا الْحَرِيرُ لِذَكَرٍ وَبِمَغْصُوبٍ وَالْمَسْحُ عَلَى ذَلِكَ بَاطِلٌ، وَكَذَا الصَّلَاةُ فِيهِ، ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ.

.(بَابُ نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ):

(نَوَاقِضُ الْوُضُوءِ) جَمْعُ: نَاقِضَةٍ بِمَعْنَى نَاقِضٍ، إنْ قِيلَ لَا يُجْمَعُ فَاعِلٌ عَلَى فَوَاعِلَ وَصْفًا مُطْلَقًا، وَشَذَّ فَوَارِسُ وَهَوَالِكُ وَنَوَاكِسُ فِي فَارِسٍ وَهَالِكٍ وَنَاكِسٍ، خَصَّهُ ابْنُ مَالِكٍ وَطَائِفَةٌ بِمَا إذَا كَانَ وَصْفًا لِعَاقِلٍ، وَمَا هُنَا لَيْسَ مِنْهُ، يُقَالُ: نَقَضْتُ الشَّيْءَ إذَا أَفْسَدْتَهُ، وَالنَّقْضُ حَقِيقَةً فِي الْبِنَاءِ، وَاسْتِعْمَالُهُ فِي الْمَعَانِي مَجَازٌ كَنَقْضِ الْوُضُوءِ، وَنَقْضِ الْعِلَّةِ، وَعَلَاقَتُهَا الْإِبْطَالُ. (وَهِيَ مُفْسِدَاتُهُ) أَيْ: الْوُضُوءِ (ثَمَانِيَةٌ) بِالِاسْتِقْرَاءِ: (أَحَدُهَا: الْخَارِجُ مِنْ سَبِيلٍ إلَى مَا) هُوَ فِي حُكْمِ الظَّاهِرِ، (يَلْحَقُهُ حُكْمُ تَطْهِيرٍ) مِنْ حَدَثٍ وَخَبَثٍ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْ الْغَائِطِ}، وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «وَلَكِنْ مِنْ غَائِطٍ وَبَوْلٍ». الْحَدِيثَ، «وَقَوْلُهُ فِي الْمَذْيِ يَغْسِلُ ذَكَرَهُ وَيَتَوَضَّأُ» وَقَوْلُهُ «لَا يَنْصَرِفُ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا» وَقَوْلُهُ: يَلْحَقُهُ حُكْمُ التَّطْهِيرِ مُخْرِجٌ لِبَاطِنِ فَرْجِ الْأُنْثَى إنْ قُلْنَا: هُوَ فِي حُكْمِ الظَّاهِرِ لَكِنْ لَا يَلْزَمُ تَطْهِيرُهُ لِلْمَشَقَّةِ، (وَلَوْ) كَانَ الْخَارِجُ (بِظُهُورِ مَقْعَدَةٍ عُلِمَ بَلَلُهَا) نَصًّا، فَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ بَلَلُهَا فَلَا نَقْضَ، أَوْ كَانَ طَرَفَ مُصْرَانٍ أَوْ رَأْسَ دُودَةٍ، نُقِضَ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، قَالَهُ فِي الْإِنْصَافِ. (أَوْ) كَانَ الْخَارِجُ (نَادِرًا كَرِيحٍ مِنْ قُبُلٍ)، وَحَصَى مِنْ دُبُرٍ، فَيُنْقَضُ كَالْمُعْتَادِ، وَهُوَ الْبَوْلُ وَالْغَائِطُ وَالرِّيحُ مِنْ الدُّبُرِ، لِحَدِيثِ فَاطِمَةَ بِنْتِ أَبِي حُبَيْشٍ «أَنَّهَا كَانَتْ تُسْتَحَاضُ، فَسَأَلَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إذَا كَانَ دَمُ الْحَيْضِ فَإِنَّهُ أَسْوَدُ يُعْرَفُ، فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَأَمْسِكِي عَنْ الصَّلَاةِ، وَإِذَا كَانَ الْآخَرُ فَتَوَضَّئِي وَصَلِّي فَإِنَّمَا هُوَ دَمُ عِرْقٍ» رَوَاه أَبُو دَاوُد وَالدَّارَقُطْنِيّ، وَقَالَ: أَسَانِيدُهُ كُلُّهُمْ ثِقَاتٌ، فَأَمَرَهَا بِالْوُضُوءِ لِكُلِّ صَلَاةٍ، وَدَمُهَا غَيْرُ مُعْتَادٍ، وَلِأَنَّهُ خَارِجٌ مِنْ سَبِيلٍ، فَأَشْبَهَ الْمُعْتَادَ، وَلِعُمُومِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لَا وُضُوءَ إلَّا مِنْ حَدَثٍ أَوْ رِيحٍ» رَوَاه التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَهُوَ يَشْمَلُ الرِّيحَ مِنْ الْقُبُلِ وَالْحَصَاةَ تَخْرُجُ مِنْ دُبُرٍ نَجِسَةٍ، (أَوْ) كَانَ (طَاهِرًا كَمَنِيٍّ) وَوَلَدٍ بِلَا دَمٍ فَيُنْقَضُ، (أَوْ) كَانَ (مُقَطَّرًا)- بِفَتْحِ الطَّاءِ مُشَدَّدَةً- بِأَنْ قَطَّرَ فِي إحْلِيلِهِ دُهْنًا، ثُمَّ خَرَجَ فَيُنْقَضُ، لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو مِنْ بَلَّةٍ نَجِسَةٍ تَصْحَبُهُ، وَيَنْجَسُ لِنَجَاسَةِ مَا لَاقَاهُ، قَطَعَ بِهِ فِي الشَّرْحِ. (أَوْ) كَانَ (مُحْتَشًّا)، بِأَنْ احْتَشَى قُطْنًا أَوْ نَحْوَهُ فِي دُبُرِهِ أَوْ فِي قُبُلِهِ (وَابْتَلَّ)، ثُمَّ خَرَجَ، انْتَقَضَ وُضُوءُهُ سَوَاءٌ كَانَ طَرَفُهُ خَارِجًا أَوْ لَا، وَظَاهِرُهُ إنْ لَمْ يَبْتَلْ لَا يُنْقَضُ.
قَالَ فِي تَصْحِيحِ الْفُرُوعِ وَالْإِنْصَافِ: وَهُوَ ظَاهِرُ نَقْلِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حَمْدَانَ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ، وَابْنُ عُبَيْدَانَ قَالَ فِي شَرْحِ الْمُنْتَهَى: وَهُوَ الْمَذْهَبُ، لِأَنَّهُ لَيْسَ بَيْنَ الْمَثَانَةِ وَالْجَوْفِ مَنْفَذٌ، وَلَمْ يَصْحَبْهُ نَجَاسَةٌ فَلَمْ يُنْقَضْ انْتَهَى.
وَمُقْتَضَى هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّ الْمُحْتَشَى فِي دُبُرِهِ يَنْقُضُ إذَا خَرَجَ مُطْلَقًا (خِلَافًا لَهُ)- أَيْ: لِلْإِقْنَاعِ- حَيْثُ قَالَ: فَلَوْ احْتَمَلَ فِي قُبُلٍ أَوْ دُبُرٍ قُطْنًا أَوْ مِيلًا، ثُمَّ خَرَجَ وَلَوْ بِلَا بَلَلٍ نَقَضَ. وَمَا قَالَهُ فِي الْإِقْنَاعِ صَحَّحَهُ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَصَوَّبَهُ فِي تَصْحِيحِ الْفُرُوعِ، وَمُقْتَضَى تَعْلِيلِ شَرْحِ الْمُنْتَهَى يُسَاعِدُهُ، لَكِنَّ الْمَذْهَبَ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ (أَوْ) أَنْزَلَ بِوَطْئِهِ دُونَ فَرْجٍ (مَنِيًّا)، ثُمَّ (دَبَّ) الْمَنِيُّ إلَى الْفَرْجِ، ثُمَّ خَرَجَ نَقَضَ، (أَوْ اسْتَدْخَلَ) الْمَنِيَّ بِنَحْوِ قُطْنَةٍ فِي فَرْجٍ، ثُمَّ خَرَجَ نَقَضَ، لِأَنَّهُ خَارِجٌ مِنْ سَبِيلٍ لَا يَخْلُو عَنْ بَلَّةٍ تَصْحَبُهُ مِنْ الْفَرْجِ، وَالْحُقْنَةُ إنْ خَرَجَتْ مِنْ الْفَرْجِ، أَوْ أَدْخَلَ الْحَاقِنُ أَوْ الْمُحْتَقِنُ رَأْسَ الزَّرَّاقَةِ فِي دُبُرٍ، ثُمَّ أَخْرَجَهُ نَقَضَ، لِأَنَّهُ خَارِجٌ مِنْ سَبِيلٍ.
وَ(لَا) يَنْقُضُ (خَارِجٌ) إنْ كَانَ (دَائِمًا، كَدَمِ اسْتِحَاضَةٍ) وَسَلَسِ بَوْلٍ وَنَحْوِهِ لِلضَّرُورَةِ، (وَلَا) يَنْقُضُ (يَسِيرُ نَجَسٍ مِنْ أَحَدِ فَرْجَيْ)- أَيْ: قُبُلَيْ- (خُنْثَى مُشْكِلٍ غَيْرَ بَوْلٍ وَغَائِطٍ) لِلشَّكِّ فِي النَّاقِضِ، وَهُوَ الْخُرُوجُ مِنْ فَرْجٍ أَصْلِيٍّ، فَإِنْ كَانَ الْخَارِجُ كَثِيرًا أَوْ بَوْلًا أَوْ غَائِطًا أَوْ خَرَجَ النَّجَسُ أَوْ الطَّاهِرُ مِنْهُمَا مَعًا نَقَضَ، (وَلَا إنْ صَبَّ دُهْنًا فِي أُذُنِهِ فَوَصَلَ إلَى دِمَاغِهِ، ثُمَّ خَرَجَ مِنْهَا أَوْ) خَرَجَ (مِنْ فَمِهِ)، لِأَنَّهُ خَارِجٌ مِنْ طَاهِرٍ مِنْ غَيْرِ السَّبِيلِ، أَشْبَهَ الْبُصَاقَ. (وَمَتَى انْسَدَّ الْمَخْرَجُ) الْمُعْتَادُ وَلَوْ خِلْقَةً، (وَانْفَتَحَ غَيْرُهُ، وَلَوْ) كَانَ الْمُنْفَتِحُ (أَسْفَلَ الْمَعِدَةِ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ)- أَيْ: الْمُنْفَتِحِ- (حُكْمُ) الْمَخْرَجِ (الْمُعْتَادِ؛ فَلَا نَقْضَ بِرِيحٍ مِنْهُ، وَلَا بِمَسِّهِ)، وَلَا بِخُرُوجٍ يَسِيرٍ نَجَسٍ غَيْرَ بَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ، (وَلَا يُجْزِئُ فِيهِ اسْتِجْمَارٌ، وَلَا غَسْلٌ بِإِيلَاجٍ فِيهِ) بِلَا إنْزَالٍ، (وَأَحْكَامُ الْمَخْرَجِ الْمُنْسَدِّ بَاقِيَةٌ) لَهُ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، قَالَهُ فِي الْإِنْصَافِ (وَفِي النِّهَايَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ سُدَّ خِلْقَةً، فَسَبِيلُ الْحَدَثِ الْمُنْفَتِحِ وَالْمَسْدُودِ كَعُضْوٍ زَائِدٍ مِنْ خُنْثَى انْتَهَى) كَلَامُ النِّهَايَةِ. (وَيَتَّجِهُ: وَهُوَ)- أَيْ: كَلَامُ النِّهَايَةِ- (حَسَنٌ إنْ كَانَ الْمُنْفَتِحُ أَسْفَلَ الْمَعِدَةِ) مَعَ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ لِلْمُنْفَتِحِ أَحْكَامُ الْمُعْتَادِ مُطْلَقًا، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. قَالَهُ فِي الْإِنْصَافِ: وَمَا قَالَهُ فِي النِّهَايَةِ مَرْجُوحٌ. (الثَّانِي) مِنْ النَّوَاقِضِ: (خُرُوجُ النَّجَاسَةِ مِنْ بَاقِي الْبَدَنِ) غَيْرَ السَّبِيلَيْنِ: (فَبَوْلٌ وَغَائِطٌ يَنْقُضُ مُطْلَقًا)، قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا، (وَغَيْرُهُمَا)- أَيْ: غَيْرُ الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ- (كَدَمٍ وَقَيْحٍ وَقَيْءٍ، وَلَوْ) خَرَجَ الْقَيْءُ (بِحَالِهِ) بِأَنْ شَرِبَ نَحْوَ مَاءٍ وَقَذَفَهُ بِصِفَتِهِ، لِأَنَّ نَجَاسَتَهُ بِوُصُولِهِ إلَى الْجَوْفِ لَا بِاسْتِحَالَتِهِ، (لَمْ يَنْقُضُ إلَّا مَا فَحَشَ فِي نَفْسِ كُلِّ أَحَدٍ بِحَسَبِهِ)، رُوِيَ نَحْوُهُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ.
قَالَ الْخَلَّالُ: الَّذِي اسْتَقَرَّتْ عَلَيْهِ الرِّوَايَةُ أَنَّ الْفَاحِشَ: مَا يَسْتَفْحِشُهُ كُلُّ إنْسَانٍ فِي نَفْسِهِ، لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «دَعْ مَا يَرِيبُكَ إلَى مَا لَا يَرِيبُكَ» وَلِأَنَّ اعْتِبَارَ حَالِ الْإِنْسَانِ بِمَا يَسْتَفْحِشُهُ غَيْرُهُ حَرَجٌ، فَيَكُونُ مَنْفِيًّا. وَبِالنَّقْضِ بِخُرُوجِ النَّجَاسَةِ الْفَاحِشَةِ مِنْ غَيْرِ السَّبِيلِ.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ عُمَرَ، لِحَدِيثِ مَعْدَانُ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَاءَ فَتَوَضَّأَ، قَالَ: فَلَقِيتُ ثَوْبَانَ فِي مَسْجِدِ دِمَشْقَ فَسَأَلْتُهُ، فَقَالَ: صَدَقَ: أَنَا سَكَبْتُ لَهُ وَضُوءَهُ» رَوَاه التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: هَذَا أَصَحُّ شَيْءٍ فِي هَذَا الْبَابِ، قِيلَ لِأَحْمَدَ: حَدِيثُ ثَوْبَانَ ثَبَتَ عِنْدَكَ؟ قَالَ: نَعَمْ. (وَلَوْ) كَانَ خُرُوجُ النَّجَاسَةِ الْفَاحِشَةِ مِنْ بَاقِي الْبَدَنِ (بِقُطْنَةٍ) أَوْ خِرْقَةٍ، (أَوْ) كَانَ (بِمَصِّ نَحْوِ عَلَقٍ) كَقُرَادٍ، إذْ الْفَرْقُ بَيْنَ مَا خَرَجَ بِنَفْسِهِ، أَوْ بِمُعَالَجَةٍ لَا أَثَرَ لَهُ فِي نَقْضِ الْوُضُوءِ وَعَدَمِهِ.
وَ(لَا) يَنْقُضُ مَا خَرَجَ بِمَصٍّ (نَحْوِ بَعُوضٍ) كَذُبَابٍ وَقَمْلٍ وَبَرَاغِيثَ لِقِلَّتِهِ، وَمَشَقَّةِ الِاحْتِرَازِ مِنْهُ، وَفِي حَاشِيَةِ التَّنْقِيحِ: الْبَعُوضُ: صِغَارُ الْبَقِّ. (وَلَا يَنْقُضُ بَلْغَمُ مَعِدَةٍ وَصَدْرٌ وَرَأْسٌ لِطَهَارَتِهِ) كَالْبُصَاقِ وَالنُّخَامَةِ، لِأَنَّهَا تُخْلَقُ مِنْ الْبَدَنِ، (وَلَا) يَنْقُضُ أَيْضًا (جُشَاءُ نَصًّا)، وَهُوَ: الْقَلَسُ- بِالتَّحْرِيكِ، وَقِيلَ: بِسُكُونِ اللَّامِ-: مَا خَرَجَ مِنْ الْجَوْفِ مِلْءَ الْفَمِ أَوْ دُونَهُ، وَلَيْسَ بِقَيْءٍ، لَكِنَّهُ حُكْمُهُ فِي النَّجَاسَةِ، فَإِنْ عَادَ فَهُوَ قَيْءٌ. (الثَّالِثُ) مِنْ النَّوَاقِضِ: (زَوَالُ عَقْلٍ) بِجُنُونٍ أَوْ بِرْسَامٍ كَثِيرًا كَانَ أَوْ قَلِيلًا، وَهُوَ غَرِيزَةٌ كَالنُّورِ يُقْذَفُ فِي الْقَلْبِ فَيَسْتَعِدُّ لِإِدْرَاكِ الْأَشْيَاءِ فَيَعْلَمُ وُجُوبَ الْوَاجِبَاتِ، وَجَوَازَ الْجَائِزَاتِ، وَاسْتِحَالَةَ الْمُسْتَحِيلَاتِ، وَيَتَلَمَّحُ بِهِ عَوَاقِبَ الْأُمُورِ، وَذَلِكَ النُّورُ يَقِلُّ وَيَكْثُرُ. (أَوْ تَغْطِيَتُهُ)- أَيْ: الْعَقْلِ- (بِإِغْمَاءٍ أَوْ سُكْرٍ)، أَوْ دَوَاءٍ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ.
قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: إجْمَاعًا عَلَى كُلِّ الْأَحْوَالِ، لِأَنَّ هَؤُلَاءِ لَا يَشْعُرُونَ بِحَالٍ (حَتَّى بِنَوْمٍ)، وَهُوَ غَشْيَةٌ ثَقِيلَةُ تَقَعُ عَلَى الْقَلْبِ تَمْنَعُ الْمَعْرِفَةَ بِالْأَشْيَاءِ، لِحَدِيثِ عَلِيٍّ مَرْفُوعًا «الْعَيْنُ وِكَاءُ السَّهِ فَمَنْ نَامَ فَلْيَتَوَضَّأْ» رَوَاه أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ. وَعَنْ مُعَاوِيَةَ يَرْفَعُهُ «الْعَيْنُ وِكَاءُ السَّهِ فَإِذَا نَامَتْ الْعَيْنَانِ اُسْتُطْلِقَ الْوِكَاءُ» رَوَاه أَحْمَدُ وَالدَّارَقُطْنِيّ. وَالسَّهُ: حَلْقَةُ الدُّبُرِ. وَسُئِلَ أَحْمَدُ عَنْ الْحَدِيثَيْنِ، فَقَالَ: حَدِيثُ عَلِيٍّ أَثْبَتُ وَأَقْوَى. وَفِي إيجَابِ الْوُضُوءِ بِالنَّوْمِ تَنْبِيهٌ عَلَى وُجُوبِهِ بِمَا هُوَ آكَدُ مِنْهُ كَالْجُنُونِ وَالسُّكْرِ، وَلِأَنَّ ذَلِكَ مَظِنَّةُ الْحَدَثِ، فَأُقِيمَ مَقَامَهُ.
قَالَ أَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ: (وَلَوْ تَلَجَّمَ) عَلَى الْمَخْرَجِ (فَلَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ شَيْءٌ) إلْحَاقًا بِالْغَالِبِ، (إلَّا نَوْمَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُطْلَقًا)، أَيْ: كَثِيرًا كَانَ أَوْ يَسِيرًا، لِأَنَّ نَوْمَهُ كَانَ يَقَعُ عَلَى عَيْنَيْهِ دُونَ قَلْبِهِ كَمَا صَحَّ عَنْهُ، وَقِيَاسُهُ كُلُّ نَبِيٍّ، (وَ) إلَّا (نَوْمًا يَسِيرًا عُرْفًا مِنْ غَيْرِهِ مِنْ جَالِسٍ)، لِحَدِيثِ أَنَسٍ «كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْتَظِرُونَ الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ حَتَّى تَخْفِقَ رُءُوسُهُمْ ثُمَّ يُصَلُّونَ وَلَا يَتَوَضَّئُونَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد. وَلِأَنَّهُ يَكْثُرُ وُقُوعُهُ مِنْ مُنْتَظِرِي الصَّلَاةِ فَعُفِيَ عَنْهُ لِلْمَشَقَّةِ، (وَ) إلَّا يَسِيرًا عُرْفًا مِنْ قَائِمٍ، لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ «فِي قِصَّةِ تَهَجُّدِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَعَلْتُ إذَا أَغْفَيْتُ يَأْخُذُ بِشَحْمَةِ أُذُنِي» رَوَاه مُسْلِمٌ. وَلِأَنَّهُ يُشْبِهُ الْجَالِسَ فِي التَّحَفُّظِ، وَاجْتِمَاعِ الْمَخْرَجِ، وَرُبَّمَا كَانَ الْقَائِمُ أَبْعَدَ مِنْ الْحَدَثِ لِكَوْنِهِ لَوْ اشْتَغَلَ فِي النَّوْمِ سَقَطَ، (فَلَا اعْتِبَارَ بِالرُّؤْيَا) قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَهِيَ أَظْهَرُ، وَقَالَ فِي الْإِنْصَافِ: إنْ رَأَى رُؤْيَا فَهُوَ يَسِيرٌ، (خِلَافًا لَهُ)- أَيْ: لِلْإِقْنَاعِ- فَإِنَّهُ قَالَ: وَإِنْ رَأَى رُؤْيَا فَهُوَ كَثِيرٌ.
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: لَا بُدَّ فِي النَّوْمِ النَّاقِضِ مِنْ الْغَلَبَةِ عَلَى الْعَقْلِ، فَمَنْ سَمِعَ كَلَامَ غَيْرِهِ وَفَهِمَهُ فَلَيْسَ بِنَائِمٍ، فَإِنْ سَمِعَهُ وَلَمْ يَفْهَمْهُ فَيَسِيرٌ. قَالَ: وَإِذَا سَقَطَ السَّاجِدُ عَنْ هَيْئَتِهِ، أَوْ الْقَائِمُ عَنْ قِيَامِهِ، وَنَحْوَ ذَلِكَ بَطَلَتْ طَهَارَتُهُ، لِأَنَّ أَهْلَ الْعُرْفِ يَعُدُّونَ ذَلِكَ كَثِيرًا، (فَإِنْ شَكَّ فِي كَثْرَةِ نَوْمٍ لَمْ يَنْقُضْ، لِتَيَقُّنِهِ) الطَّهَارَةَ وَشَكِّهِ فِي نَقْضِهَا. (وَيَنْقُضُ نَوْمٌ يَسِيرٌ مِنْ رَاكِعٍ وَسَاجِدٍ)، كَمُضْطَجِعٍ، وَقِيَاسُهُمَا عَلَى الْجَالِسِ مَرْدُودٌ بِأَنَّ مَحَلَّ الْحَدَثِ فِيهِمَا مُنْفَتِحٌ بِخِلَافِ الْجَالِسِ، (وَ) يَنْقُضُ الْيَسِيرُ أَيْضًا مِنْ (مُسْتَنِدٍ، وَمُتَّكِئٍ وَمُحْتَبِي كَمُضْطَجِعٍ) بِجَامِعِ الِاعْتِمَادِ. (الرَّابِعُ) مِنْ النَّوَاقِضِ: (مَسُّ فَرْجِ آدَمِيٍّ) دُونَ سَائِرِ الْحَيَوَانَاتِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى، صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا (مُتَّصِلٍ): صِفَةٌ لِفَرْجٍ، فَلَا نَقْضَ بِمَسٍّ مُنْفَصِلٍ، لِذَهَابِ حُرْمَتِهِ بِقَطْعِهِ، (أَصْلِيٍّ): صِفَةٌ أَيْضًا، فَلَا يَنْقُضُ مَسُّ زَائِدٍ، وَلَا أَحَدُ فَرْجَيْ خُنْثَى مُشْكِلٍ لِاحْتِمَالِ زِيَادَتِهِ (بِلَا حَائِلٍ، وَلَوْ) كَانَ الْفَرْجُ الْمَمْسُوسُ (دُبُرًا، أَوْ) كَانَ الْمَمْسُوسُ فَرْجُهُ (مَيِّتًا) لِبَقَاءِ حُرْمَتِهِ، (أَوْ) كَانَ الْفَرْجُ (أَشَلَّ) لَا نَفْعَ فِيهِ لِبَقَاءِ اسْمِهِ وَحُرْمَتِهِ، لِحَدِيثِ بُسْرَةَ بِنْتِ صَفْوَانَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ» رَوَاه مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَغَيْرُهُمْ، وَصَحَّحَهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَعِينٍ.
قَالَ الْبُخَارِيُّ: أَصَحُّ شَيْءٍ فِي هَذَا الْبَابِ حَدِيثُ بُسْرَةَ وعَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ مَعْنَاهُ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالْأَثْرَمُ، وَصَحَّحَهُ أَحْمَدُ وَأَبُو زُرْعَةَ، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إذَا أَفْضَى أَحَدُكُمْ بِيَدِهِ إلَى ذَكَرِهِ فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ» رَوَاه الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ «وَلَيْسَ دُونَهُ سِتْرٌ» وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ بِضْعَةَ عَشَرَ صَحَابِيًّا، وَهَذَا لَا يُدْرَكُ بِالْقِيَاسِ، فَعُلِمَ أَنَّهُمْ قَالُوهُ عَنْ تَوْقِيفٍ. وَمَا رَوَى قَيْسُ بْنُ طَلْقٍ عَنْ أَبِيهِ- «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ الرَّجُلِ يَمَسُّ ذَكَرَهُ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ، هَلْ عَلَيْهِ وُضُوءٌ؟ قَالَ: لَا إنَّمَا هُوَ بَضْعَةٌ مِنْكَ» رَوَاه الْخَمْسَةُ، وَلَفْظُهُ لِأَحْمَدَ وَصَحَّحَهُ الطَّحَاوِيُّ وَغَيْرُهُ- ضَعَّفَهُ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ.
قَالَ أَبُو زُرْعَةَ وَأَبُو حَاتِمٍ: قَيْسٌ لَا تَقُومُ بِرِوَايَتِهِ حُجَّةٌ، وَلَوْ سُلِّمَ صِحَّتُهُ فَهُوَ مَنْسُوخٌ، لِأَنَّ طَلْقَ بْنَ عَلِيٍّ «قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُؤَسِّسُ فِي الْمَسْجِدِ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَلَا شَكَّ أَنَّ التَّأْسِيسَ كَانَ فِي السَّنَةِ الْأُولَى مِنْ الْهِجْرَةِ، وَإِسْلَامَ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي السَّنَةِ السَّابِعَةِ، وَبُسْرَةَ فِي الثَّامِنَةِ عَامَ الْفَتْحِ، وَهَذَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ نَصًّا فِي النَّسْخِ فَهُوَ ظَاهِرٌ فِيهِ. (أَوْ) كَانَ الْمَمْسُوسُ (قُلْفَةً): بِضَمِّ الْقَافِ وَسُكُونِ اللَّامِ- قَالَ فِي الْقَامُوسِ: وَتَحَرُّكُ- جِلْدَةِ الذَّكَرِ، لِأَنَّهَا دَاخِلَةٌ فِي مُسَمَّى الذَّكَرِ وَحُرْمَتِهِ مَا اتَّصَلَتْ بِهِ، (أَوْ) كَانَ الْمَمْسُوسُ (قُبُلَيْ خُنْثَى مُشْكِلٍ) لِأَنَّ أَحَدَهُمَا فَرْجٌ أَصْلِيٌّ فَيَنْقُضُ مَسُّهُ، كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ زَائِدٌ، (أَوْ) كَانَ مَسُّ غَيْرِ خُنْثَى مِنْ خُنْثَى (لِشَهْوَةٍ مَا لِلَّامِسِ مَثَلُهُ) بِأَنْ مَسَّ ذَكَرٌ ذَكَرَ خُنْثَى لِشَهْوَةٍ، أَوْ أُنْثَى قُبُلَهُ الَّذِي يُشْبِهُ فَرْجَهَا لِشَهْوَةٍ، فَيُنْقَضُ وُضُوءُ اللَّامِسِ، لِتَحَقُّقِ النَّقْضِ بِكُلِّ حَالٍ فَإِنْ كَانَ لِغَيْرِ شَهْوَةٍ فَلَا نَقْضَ لِاحْتِمَالِ الزِّيَادَةِ. وَإِنْ مَسَّ خُنْثَى قُبُلَيْ خُنْثَى آخَرَ أَوْ قُبُلَيْ نَفْسِهِ؛ انْتَقَضَ وُضُوءُهُ لِتَيَقُّنِ النَّقْضِ، وَإِنْ مَسَّ أَحَدَهُمَا فَلَا. وَمَسُّ دُبُرِهِ كَدُبُرِ غَيْرِهِ، لِأَنَّهُ أَصْلِيٌّ بِكُلِّ اعْتِبَارٍ، وَإِنْ تَوَضَّأَ خُنْثَى، وَلَمَسَ أَحَدَ فَرْجَيْهِ، وَصَلَّى الظُّهْرَ، ثُمَّ أَحْدَثَ وَتَوَضَّأَ، وَلَمَسَ الْآخَرَ وَصَلَّى الْعَصْرَ أَوْ فَائِتَةً لَزِمَهُ إعَادَتُهُمَا دُونَ الْوُضُوءِ. قَالَهُ فِي الْإِنْصَافِ (أَوْ) كَانَ الْمَسُّ مِمَّنْ (لَمْ يُتَعَمَّدْ) فَيُنْقَضُ أَيْضًا. وَقَوْلُهُ: (بِيَدٍ): مُتَعَلِّقٌ بِمَسِّ، وَهِيَ مِنْ رُءُوسِ أَصَابِعَ (إلَى كُوعٍ)؛ فَلَا نَقْضَ إذَا مَسَّهُ بِغَيْرِهَا، لِحَدِيثِ أَحْمَدَ وَالدَّارَقُطْنِيّ «مَنْ أَفْضَى بِيَدِهِ إلَى ذَكَرِهِ» وَلِأَنَّ غَيْرَ الْيَدِ لَيْسَ بِآلَةِ اللَّمْسِ (وَلَوْ) كَانَتْ الْيَدُ (زَائِدَةً) لِعُمُومِ مَا سَبَقَ. وَلَا فَرْقَ بَيْنَ بَطْنِ الْكَفِّ وَظَهْرِهَا وَحَرْفِهَا، لِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْهَا أَشْبَهَ بَطْنَهَا، (خَلَا ظُفْرٍ) فَلَا يَنْقُضُ الْمَسُّ بِهِ، لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْمُنْفَصِلِ. (وَلَا نَقْضَ بِمَسِّ مَحَلِّ فَرْجٍ بَائِنٍ) أَيْ: مَحَلِّ ذَكَرٍ مَقْطُوعٍ مِنْ مَحَلِّ أُصُولِ الْأُنْثَيَيْنِ كَسَائِرِ الْبَدَنِ، لِأَنَّهُ لَمْ يَمَسَّ ذَكَرًا، وَكَذَا مَسُّ الْبَائِنِ لِذَهَابِ حُرْمَتِهِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا سَبَقَ. (وَلَا) نَقْضَ (بـِ) مَسِّ (الْأُنْثَيَيْنِ أَوْ) مَسِّ (مَا بَيْنَ الْفَرْجَيْنِ)، لِعَدَمِ إطْلَاقِ الْفَرْجِ عَلَى ذَلِكَ (أَوْ) أَيْ: وَلَا نَقْضَ بِمَسِّ (فَرْجِ بَهِيمَةٍ، أَوْ شُفْرَيْ أُنْثَى، وَهُمَا): إسْكَتَاهَا، أَيْ: (حَافَّتَا فَرْجِهَا)، لِأَنَّهُمَا لَيْسَا مِنْ الْفَرْجِ (بَلْ) يَحْصُلُ النَّقْضُ (بـِ) مَسِّ (مَخْرَجِ بَوْلٍ وَمَنِيٍّ وَحَيْضٍ) لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «مَنْ مَسَّ فَرْجَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ» رَوَاه ابْنُ مَاجَهْ وَغَيْرُهُ وَالْفَرْجُ اسْمُ جِنْسٍ مُضَافٍ فَيَعُمُّ، وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَيُّمَا امْرَأَةٍ مَسَّتْ فَرْجَهَا فَلْتَتَوَضَّأْ» رَوَاه أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ وَإِسْنَادُهُ جَيِّدٌ إلَيْهِ وَكَالذَّكَرِ. (وَلَا نَقْضَ بِمَسٍّ) بِعُضْوٍ (غَيْرَ يَدٍ)، لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ السَّابِقِ (إلَّا بِمَسِّ) رَجُلٍ (ذَكَرَهُ فَرْجَهَا)، أَيْ: الْمَرْأَةِ (أَوْ) بِمَسِّ (دُبُرِهِمَا)، أَيْ: الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ ذَكَرَهُ، (أَوْ) بِمَسِّهَا (هِيَ)، أَيْ الْمَرْأَةِ (بِهِمَا)- أَيْ: بِقُبُلِهَا أَوْ دُبُرِهَا- (ذَكَرَهُ) أَيْ: الرَّجُلِ فَيُنْقَضُ الْوُضُوءُ بِذَلِكَ، لِأَنَّهُ أَفْحَشُ مِنْ الْمَسِّ بِالْيَدِ، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا نَقْضَ بِمَسِّ ذَكَرٍ بِذَكَرٍ، وَلَا دُبُرٍ بِدُبُرٍ، وَلَا قُبُلِ امْرَأَةٍ بِقُبُلِ أُخْرَى، أَوْ دُبُرِهَا. (الْخَامِسُ) مِنْ النَّوَاقِضِ: (لَمْسُ ذَكَرٍ لِأُنْثَى) بِشَهْوَةٍ بِلَا حَائِلٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَوْ لَامَسْتُمْ النِّسَاءَ} وَخَصَّ بِمَا إذَا كَانَ بِشَهْوَةٍ جَمْعًا بَيْنَ الْآيَةِ وَالْأَخْبَارِ، لِأَنَّهُ رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّهَا قَالَتْ: فَقَدْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةً مِنْ الْفِرَاشِ، فَالْتَمَسْتُهُ فَوَقَعَتْ يَدِي عَلَى بَطْنِ قَدَمِهِ، وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ، وَهُمَا مَنْصُوبَتَانِ» رَوَاه مُسْلِمٌ. وَنَصْبُهُمَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي. وَرُوِيَ عَنْهَا أَيْضًا أَنَّهَا قَالَتْ: «كُنْتُ أَنَامُ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرِجْلَايَ فِي قِبْلَتِهِ، فَإِذَا سَجَدَ غَمَزَنِي فَقَبَضْتُ رِجْلِي» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ غَمْزَهُ رِجْلَيْهَا كَانَ مِنْ غَيْرِ حَائِلٍ، لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ، وَلِأَنَّ اللَّمْسَ لَيْسَ بِحَدَثٍ، وَإِنَّمَا هُوَ دَاعٍ إلَيْهِ، فَاعْتُبِرَتْ الْحَالَةُ الَّتِي يَدْعُو إلَيْهِ فِيهَا، وَهِيَ حَالُ الشَّهْوَةِ. (أَوْ) لَمْسُ (أُنْثَى لِذَكَرٍ) بِشَيْءٍ مِنْ بَدَنِهَا (بِشَهْوَةٍ)، لِأَنَّهَا مُلَامَسَةٌ تَنْقُضُ الْوُضُوءَ، فَاسْتَوَى فِيهَا الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى كَالْجِمَاعِ، سُئِلَ أَحْمَدُ عَنْ الْمَرْأَةِ إذَا مَسَّتْ زَوْجَهَا؟ قَالَ: مَا سَمِعْتُ فِيهَا شَيْئًا، وَإِنَّمَا هِيَ شَقِيقَةُ الرَّجُلِ، يُعْجِبُنِي أَنْ تَتَوَضَّأَ. (بِلَا حَائِلٍ) لِأَنَّهُ مَعَ الْحَائِلِ لَمْ يَلْمِسْ بَشَرَتَهَا، أَشْبَهَ مَا لَوْ لَمَسَ ثِيَابَهَا بِشَهْوَةٍ، وَالشَّهْوَةُ لَا تُوجِبُ الْوُضُوءَ بِمُجَرَّدِهَا، كَمَا لَوْ وُجِدَتْ مِنْ غَيْرِ لَمْسِ شَيْءٍ، (وَلَوْ) كَانَ اللَّمْسُ (بـِ) عُضْوٍ (زَائِدٍ لِزَائِدٍ) كَالْيَدِ وَالرِّجْلِ أَوْ الْأُصْبُعِ الزَّائِدَةِ كَالْأَصْلِيِّ، (أَوْ) كَانَ اللَّمْسُ لِعُضْوٍ (أَشَلَّ) لَا نَفْعَ فِيهِ أَوْ بِهِ، (أَوْ) كَانَ اللَّمْسُ (لِمَيِّتٍ) لِلْعُمُومِ، وَكَمَا يَجِبُ الْغُسْلُ لِوَطْءِ الْمَيِّتِ، (أَوْ) كَانَ اللَّمْسُ لِـ (هَرِمٍ) أَوْ (مَحْرَمٍ)، لِمَا سَبَقَ.
وَ(لَا) يَنْقُضُ لَمْسٌ مُطْلَقًا (لِشَعْرٍ وَظُفْرٍ وَسِنٍّ، وَلَا اللَّمْسُ بِذَلِكَ)، أَيْ: السِّنِّ وَالظُّفْرِ وَالشَّعْرِ، لِأَنَّهَا تَنْفَصِلُ فِي حَالِ السَّلَامَةِ أَشْبَهَ لَمْسَ الدَّمْعِ، وَلِذَلِكَ لَا يَقَعُ طَلَاقٌ وَنَحْوُهُ أَوْقَعَ بِهَا، (وَلَا) يَنْقُضُ لَمْسُ (مَنْ) لَهَا أَوْ لَهُ (دُونَ سَبْعٍ)، لِأَنَّهُ لَيْسَ مَحَلًّا لِلشَّهْوَةِ، (وَلَا) لَمْسُ (الرَّجُلِ الْأَمْرَدِ) وَهُوَ: الشَّابُّ طَرَّ شَارِبُهُ وَلَمْ تَنْبُتْ لِحْيَتُهُ، قَالَهُ فِي الْقَامُوسِ، وَلَوْ لِشَهْوَةٍ (أَوْ) لَمْسُ (امْرَأَةٍ لِامْرَأَةٍ) وَلَوْ لِشَهْوَةٍ لِعَدَمِ تَنَاوُلِ النَّصِّ لَهُ، (وَلَا إنْ وُجِدَ مَمْسُوسُ فَرْجٍ أَوْ مَلْمُوسُ بَدَنٍ بِشَهْوَةٍ) يَعْنِي: لَا يُنْتَقَضُ وُضُوءُ مَمْسُوسِ فَرْجِهِ وَإِنْ وُجِدَتْ مِنْهُ شَهْوَةٌ، وَلَا وُضُوءُ مَمْسُوسِ بَدَنِهِ بِشَهْوَةٍ وَإِنْ وُجِدَتْ مِنْهُ شَهْوَةٌ، بَلْ يَخْتَصُّ النَّقْضُ بِالْمَاسِّ وَاللَّامِسِ لِتَنَاوُلِ النَّصِّ لَهُمَا (وَيَتَّجِهُ نَقْضُ) وُضُوءِ (كُلٍّ) مَنْ مُتَلَامِسَيْنِ (لَوْ تَلَامَسَا مَعًا) لِشَهْوَةٍ، لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَامِسٌ وَمَلْمُوسٌ وَهُوَ مُتَّجِهٌ. (وَلَا نَقْضَ) أَيْضًا (بِانْتِشَارٍ عَنْ فِكْرٍ وَتَكْرَارِ نَظَرٍ)، لِأَنَّهُ لَا نَصَّ فِيهِ، (وَ) لَا (بِلَمْسِ عُضْوٍ مَقْطُوعٍ) لِزَوَالِ حُرْمَتِهِ، (وَلَا) مَسِّ (خُنْثَى مُشْكِلٍ) مِنْ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ وَلَوْ بِشَهْوَةٍ، (وَلَا بِلَمْسِهِ)- أَيْ: الْخُنْثَى- (رَجُلًا) فَقَطْ (أَوْ امْرَأَةً) فَقَطْ وَلَوْ لِشَهْوَةٍ، لِأَنَّهُ مُتَيَقِّنُ الطَّهَارَةِ شَاكٌّ فِي الْحَدَثِ، (فَلَوْ لَمَسَ) الْخُنْثَى (كُلًّا مِنْهُمَا)- أَيْ: الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ- (بِشَهْوَةٍ، أَوْ لَمَسَاهُ)- أَيْ: لَمَسَ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ الْخُنْثَى- (لَهَا)- أَيْ: لِلشَّهْوَةِ- (انْتَقَضَ وُضُوءُهُ)- أَيْ: الْخُنْثَى- (فِي الْأُولَى)- أَيْ: فِي لَمْسِهِ لَهَا بِشَهْوَةٍ- (وَ) انْتَقَضَ (وُضُوءُ أَحَدِهِمَا)- أَيْ: الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ- (لَا بِعَيْنِهِ فِي الثَّانِيَةِ)، وَهِيَ لَمْسُهُمَا لِلْخُنْثَى لِأَنَّهُ إنْ كَانَ ذَكَرًا فَقَدْ لَمَسَتْهُ امْرَأَةٌ بِشَهْوَةٍ فَانْتَقَضَ وُضُوءُهَا، وَإِنْ كَانَ أُنْثَى فَقَدْ لَمَسَهَا رَجُلٌ بِشَهْوَةٍ فَانْتَقَضَ وُضُوءُهُ. (السَّادِسُ) مِنْ النَّوَاقِضِ: (غُسْلُ مَيِّتٍ) صَغِيرًا كَانَ الْمَيِّتُ أَوْ كَبِيرًا ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى، لِأَنَّ ابْنَ عُمَرَ وَابْنَ عَبَّاسٍ كَانَا يَأْمُرَانِ غَاسِلَ الْمَيِّتِ بِالْوُضُوءِ وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَقَلُّ مَا فِيهِ الْوُضُوءُ، وَلَمْ يُعْلَمْ لَهُمْ مُخَالِفٌ مِنْ الصَّحَابَةِ، وَلِأَنَّ الْغَاسِلَ غَالِبًا لَا يَسْلَمُ مِنْ مَسِّ عَوْرَةِ الْمَيِّتِ، فَأُقِيمَ مَقَامَهُ كَالنَّوْمِ مَعَ الْحَدَثِ، (أَوْ) غُسْلُ (بَعْضِهِ) الْمُتَّصِلِ بِهِ أَوْ الْمُنْفَصِلِ، فَلَوْ غَسَلَ يَدَ مَيِّتٍ مُنْفَصِلَةً عَنْهُ انْتَقَضَ وُضُوءُهُ لَا إنْ غَسَلَ يَدَ سَارِقٍ، لِأَنَّهَا بَعْضُ حَيٍّ، (وَلَوْ) كَانَ الْمَيِّتُ (كَافِرًا) مَعَ تَحْرِيمِ غُسْلِهِ، (أَوْ) كَانَ (فِي قَمِيصٍ) فَيُنْتَقَضُ وُضُوءُ غَاسِلِهِ، (لَا بِتَيَمُّمِهِ)- أَيْ: الْمَيِّتِ- لِعُذْرٍ اقْتِصَارًا عَلَى النَّصِّ (وَغَاسِلُهُ)- أَيْ: الْمَيِّتِ-: (مَنْ يُقَلِّبُهُ وَيُبَاشِرُهُ وَلَوْ مَرَّةً لَا مَنْ يَصُبُّ الْمَاءَ) وَنَحْوَهُ. (السَّابِعُ) مِنْ النَّوَاقِضِ: (أَكْلُ لَحْمِ إبِلٍ) عَلِمَهُ أَوْ جَهِلَهُ، (وَلَوْ) كَانَ (نِيئًا)، لِحَدِيثِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ أَنَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ؟ قَالَ: نَعَمْ قِيلَ: أَنَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِ الْغَنَمِ؟ قَالَ: لَا» رَوَاه أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ. وَعَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ مَرْفُوعًا مِثْلُهُ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
قَالَ أَحْمَدُ: فِيهِ حَدِيثَانِ صَحِيحَانِ: حَدِيثُ الْبَرَاءِ، وَجَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ الْخَطَّابِيِّ: ذَهَبَ إلَى هَذَا عَامَّةُ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ، وَدَعْوَى النَّسْخِ، أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْوُضُوءِ غَسْلُ الْيَدَيْنِ مَرْدُودَةٌ، وَقَدْ أَطَالَ فِيهِ فِي شَرْحِ الْمُنْتَهَى. وَإِبِلٌ بِكِسْرَتَيْنِ، وَتُسْكَنُ الْبَاءُ قَالَ فِي الْقَامُوسِ: وَاحِدٌ يَقَعُ عَلَى الْجَمْعِ لَيْسَ بِجَمْعٍ وَلَا اسْمِ جَمْعٍ، وَجَمْعُهُ: آبَالٌ. (تَعَبُّدًا)، أَيْ: لَا عَنْ حَدَثٍ- فَلَا يُعَلَّلُ وَلَا يُعْقَلُ مَعْنَاهُ، وَلَا يَتَعَدَّى إلَى غَيْرِهِ، وَإِنَّمَا هُوَ أَمْرٌ تَوْقِيفِيٌّ، وَقَفَ عَلَيْهِ الصَّحَابَةُ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَجِبُ اتِّبَاعُهُ وَالْعَمَلُ بِهِ، وَلَوْ كَانَ مُخَالِفًا لِلْقِيَاسِ قَالَهُ الدَّنَوْشَرِيُّ. (فَلَا نَقْضَ بـِ) تَنَاوُلِ (بَقِيَّةِ أَجْزَائِهَا)- أَيْ: الْإِبِلِ- (كَسَنَامٍ وَكَبِدٍ) وَقَلْبٍ (وَكِرْشٍ) وَطِحَالٍ وَمُصْرَانٍ؛ لِأَنَّ النَّصَّ لَمْ يَتَنَاوَلْهَا، (وَلَا) نَقْضَ (بِشُرْبِ لَبَنٍ وَ) شُرْبِ (مَرَقِ لَحْمٍ) لِأَنَّ الْأَخْبَارَ الصَّحِيحَةَ إنَّمَا وَرَدَتْ فِي اللَّحْمِ. (الثَّامِنُ) مِنْ النَّوَاقِضِ: (الرِّدَّةُ) عَنْ الْإِسْلَامِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} وَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «الطَّهُورُ شَطْرُ الْإِيمَانِ» وَالرِّدَّةُ تُبْطِلُ الْإِيمَانَ. (وَكُلُّ مَا أَوْجَبَ غُسْلًا) أَوْجَبَ وُضُوءًا (إلَّا الْمَوْتَ) فَلَا يُوجِبُ الْوُضُوءَ بَلْ يُسَنُّ لَهُ. (فِيمَا مَرَّ) مِنْ الْمَسَائِلِ (نَوَاقِضُ مُشْتَرَكَةٌ) بَيْنَ الْمَاسِحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَغَيْرِهِ، (وَ) أَمَّا النَّوَاقِضُ (الْمُخْتَصَّةُ: كَزَوَالِ عُذْرٍ نَحْوِ مُسْتَحَاضَةٍ، وَخُرُوجِ وَقْتِ تَيَمُّمٍ، وَبُطْلَانِ مَسْحٍ) عَلَى الْخُفَّيْنِ وَنَحْوِهِمَا (بِفَرَاغِ مُدَّةٍ أَوْ خَلْعِ مَمْسُوحٍ، وَبُرْءِ جَبِيرَةٍ، وَقُدْرَةٍ عَلَى مَاءٍ بَعْدَ عَدَمِهَا)- أَيْ: الْقُدْرَةِ- (وَوُجُودُهُ)- أَيْ: الْمَاءِ- (لِعَادِمِهِ وَغَيْرِهِ)- أَيْ: غَيْرِ ذَلِكَ- (فَمَذْكُورٌ فِي أَبْوَابِهِ) فَمَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَسْحِ تَقَدَّمَ فِي الْبَابِ قَبْلَهُ، وَمَا يَتَعَلَّقُ فِي الْمُسْتَحَاضَةِ وَمَنْ بِهِ سَلَسُ بَوْلٍ وَنَحْوُهُ يَأْتِي فِي بَابِ الْحَيْضِ، وَمَا يَتَعَلَّقُ بِالتَّيَمُّمِ يَأْتِي فِي بَابِهِ. (وَلَا نَقْضَ بِكَلَامٍ) مُحَرَّمٍ: كَالْكَذِبِ وَالْغِيبَةِ وَالْقَذْفِ وَالسَّبِّ وَنَحْوِهَا بَلْ يُسَنُّ الْوُضُوءُ مِنْ الْكَلَامِ الْمُحَرَّمِ، (وَ) لَا بِأَكْلِ (طَعَامٍ) مُحَرَّمٍ، (وَ) لَا بِأَكْلِ (لَحْمٍ مُحَرَّمٍ بَلْ يُسَنُّ) الْوُضُوءُ لِذَلِكَ، (وَلَا) نَقْضَ (بِإِزَالَةِ نَحْوِ شَعْرٍ) كَسِنٍّ (وَظُفْرٍ)، خِلَافًا لِمَا حُكِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ وَالْحَكَمِ وَحَمَّادٍ، لِأَنَّ غَسْلَهُ أَوْ مَسْحَهُ أَصْلٌ لَا بَدَلٌ عَمَّا تَحْتَهُ، بِخِلَافِ الْخُفِّ. (وَلَا) نَقْضَ (بِقَهْقَهَةٍ) وَلَوْ (فِي صَلَاةٍ)، وَهِيَ: أَنْ يَضْحَكَ حَتَّى يَحْصُلَ مِنْ ضَحِكِهِ حَرْفَانِ، ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ. (وَلَا) نَقْضَ (بـِ) أَكْلِ (مَا مَسَّتْهُ نَارٌ) لِقَوْلِ جَابِرٍ «كَان آخِرُ الْأَمْرَيْنِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَرْكُ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتْهُ النَّارُ» رَوَاه أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ (وَلَا يُسْتَحَبُّ وُضُوءٌ لِذَلِكَ)، أَيْ: لِإِزَالَةِ نَحْوِ الشَّعْرِ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ.

.(فَصْلٌ) فِي مَسَائِلَ مِنْ الشَّكِّ فِي الطَّهَارَةِ:

(وَمَنْ شَكَّ)- أَيْ: تَرَدَّدَ، قَالَ فِي الْقَامُوسِ: الشَّكُّ: خِلَافُ الْيَقِينِ- (فِي طَهَارَةٍ) بَعْدَ يَقِينِ حَدَثٍ (أَوْ) شَكَّ فِي (حَدَثٍ) بَعْدَ يَقِينِ طَهَارَةٍ، (وَلَوْ) كَانَ شَكُّهُ (فِي غَيْرِ صَلَاةٍ) (بَنَى عَلَى يَقِينِهِ)، وَهُوَ الطَّهَارَةُ فِي الْأُولَى، وَالْحَدَثُ فِي الثَّانِيَةِ، لِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: «شُكِيَ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّجُلُ يُخَيَّلُ إلَيْهِ أَنَّهُ يَجِدُ الشَّيْءَ فِي الصَّلَاةِ، فَقَالَ: لَا يَنْصَرِفْ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَلِمُسْلِمٍ مَعْنَاهُ مَرْفُوعًا مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ: وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ، وَلِأَنَّهُ إذَا شَكَّ تَعَارَضَ عِنْدَهُ الْأَمْرَانِ فَيَجِبُ سُقُوطُهُمَا كَالْبَيِّنَتَيْنِ إذَا تَعَارَضَتَا، وَيَرْجِعُ إلَى الْيَقِينِ (وَلَوْ عَارَضَهُ ظَنٌّ)، لِأَنَّ غَلَبَةَ الظَّنِّ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا ضَابِطٌ فِي الشَّرْعِ لَمْ يُلْتَفَتْ إلَيْهَا كَظَنِّ صِدْقِ أَحَدِ الْمُتَدَاعِيَيْنِ بِخِلَافِ الْقِبْلَةِ وَالْوَقْتِ، هَذَا اصْطِلَاحُ الْفُقَهَاءِ، وَعِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ إنْ تَسَاوَى الِاحْتِمَالَانِ فَهُوَ شَكٌّ، وَإِلَّا فَالرَّاجِحُ ظَنٌّ، وَالْمَرْجُوحُ وَهْمٌ، وَالْأَوَّلُ مُوَافِقٌ لِلُّغَةِ كَمَا فِي الْقَامُوسِ قَالَ فِي مُقَدِّمَةِ الرَّوْضَةِ: الْيَقِينُ مَا أَذْعَنَتْ النَّفْسُ لِلتَّصْدِيقِ بِهِ، وَقَطَعَتْ بِهِ، وَقَطَعَتْ بِأَنَّ قَطْعَهَا صَحِيحٌ، وَفِيهِ أَقْوَالٌ أُخَرُ.
قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ: فِي تَسْمِيَتِهِ مَا هُنَا يَقِينًا بَعْدَ وُرُودِ الشَّكِّ عَلَيْهِ نَظَرٌ، نَعَمْ كَانَ يَقِينًا ثُمَّ صَارَ الْآنَ شَكًّا، فَاعْتُبِرَتْ صِفَتُهُ السَّابِقَةُ، وَقُدِّمَتْ عَلَى صِفَتِهِ اللَّاحِقَةِ، لِلْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ فِي ذَلِكَ اسْتِصْحَابًا لِلْأَصْلِ السَّابِقِ لِمَا قَارَنَهُ مِنْ الْيَقِينِ، وَتَقْدِيمًا لَهُ عَلَى الْوَصْفِ اللَّاحِقِ لِنُزُولِهِ عَنْ دَرَجَتِهِ. (وَإِنْ تَيَقَّنَهُمَا)- أَيْ: الْحَدَثَ وَالطَّهَارَةَ- بِالْمَعْنَى الْوَصْفِيِّ لَا الْفِعْلِيِّ، لِئَلَّا يَتَكَرَّرَ مَعَ مَا سَيَأْتِي، أَيْ: تَيَقَّنَ كَوْنَهُ اتَّصَفَ بِالْحَدَثِ وَالطَّهَارَةِ بَعْدَ الشُّرُوقِ مَثَلًا، (وَجَهِلَ أَسْبَقَهُمَا) بِأَنْ لَمْ يَدْرِ الْحَدَثَ قَبْلَ الطَّهَارَةِ أَوْ بِالْعَكْسِ، (فَإِنْ جَهِلَ قَبْلَهُمَا)، بِأَنْ لَمْ يَدْرِ هَلْ كَانَ مُحْدِثًا، أَوْ مُتَطَهِّرًا قَبْلَ الشُّرُوقِ، (تَطَهَّرَ) وُجُوبًا إذَا أَرَادَ فِعْلَ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهَا، لِتَيَقُّنِهِ الْحَدَثَ فِي إحْدَى الْحَالَتَيْنِ وَالْأَصْلُ بَقَاؤُهُ، لِأَنَّ وُجُودَ يَقِينِ الطَّهَارَةِ فِي الْحَالِ الْأُخْرَى مَشْكُوكٌ فِيهِ أَكَانَ قَبْلَ الْحَدَثِ أَوْ بَعْدَهُ؟ وَلِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ طَهَارَةٍ مُتَيَقَّنَةٍ أَوْ مَظْنُونَةٍ أَوْ مُسْتَصْحَبَةٍ، وَلَا شَيْءَ مِنْ ذَلِكَ هُنَا، (وَإِلَّا): بِأَنْ لَمْ يَجْهَلْ قَبْلَهُمَا بَلْ عَلِمَهَا (فَهُوَ عَلَى ضِدِّهَا): فَإِنْ كَانَ مُتَطَهِّرًا فَمُحْدِثٌ، وَإِنْ كَانَ مُحْدِثًا فَمُتَطَهِّرٌ، لِأَنَّهُ قَدْ تَيَقَّنَ زَوَالَ تِلْكَ الْحَالِ إلَى ضِدِّهَا، وَالْأَصْلُ بَقَاؤُهُ، لِأَنَّ مَا يُغَيِّرُهُ مَشْكُوكٌ فَلَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ، (وَإِنْ عَلِمَهَا)- أَيْ: قَبْلَهُمَا (لَكِنْ تَيَقَّنَ فِعْلَهُمَا)- أَيْ: الطَّهَارَةَ وَالْحَدَثَ- حَالَ كَوْنِ فِعْلِ الطَّهَارَةِ (رَفْعًا لِلْحَدَثِ، وَ) حَالَ كَوْنِ فِعْلِ الْحَدَثِ (نَقْضًا لِطَهَارَةٍ)، فَهُوَ عَلَى مِثْلِهَا: فَإِنْ كَانَ قَبْلُ مُتَطَهِّرًا فَمُتَطَهِّرٌ، لِأَنَّهُ تَيَقَّنَ أَنَّهُ نَقَضَ تِلْكَ الطَّهَارَةَ، ثُمَّ تَوَضَّأَ، إذْ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَتَوَضَّأَ مَعَ بَقَاءِ تِلْكَ الطَّهَارَةِ لِتَيَقُّنِ كَوْنِ طَهَارَتِهِ عَنْ حَدَثٍ، وَنَقْضُ هَذِهِ الطَّهَارَةِ مَشْكُوكٌ فِيهِ فَلَا يَزُولُ بِهِ الْيَقِينُ، وَإِنْ كَانَ قَبْلُ مُحْدِثًا فَهُوَ الْآنَ مُحْدِثٌ لِأَنَّهُ تَيَقَّنَ أَنَّهُ انْتَقَلَ عَنْهُ إلَى طَهَارَةٍ، ثُمَّ أَحْدَثَ عَنْهَا وَلَمْ يَتَيَقَّنْ بَعْدَ الْحَدَثِ الثَّانِي طَهَارَةً، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ قَبْلَهُمَا تَطَهَّرَ لِمَا سَبَقَ، (أَوْ عَيَّنَ) لِفِعْلِ طَهَارَةٍ وَحَدَثٍ (وَقْتًا لَا يَسَعُهُمَا فَهُوَ عَلَى مِثْلِهَا)، أَيْ: مِثْلِ حَالِهِ قَبْلَهَا، لِسُقُوطِ هَذَا الْيَقِينِ لِلتَّعَارُضِ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ قَبْلَهُمَا تَطَهَّرَ، (فَإِنْ جَهِلَ حَالَهُمَا) بِأَنْ لَمْ يَدْرِ الْحَدَثَ عَنْ طَهَارَةٍ أَوْ لَا، وَلَمْ يَدْرِ الطَّهَارَةَ عَنْ حَدَثٍ أَوْ لَا (وَ) جَهِلَ أَيْضًا (أَسْبَقَهُمَا)، فَعَلَى ضِدِّ حَالِهِ قَبْلَهُمَا إنْ عَلِمَهَا لِمَا تَقَدَّمَ، وَمُقْتَضَى صَنِيعِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ جَوَابَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَاَلَّتِي بَعْدَهَا وَاحِدٌ، وَهُوَ قَوْلُهُ: فَمُتَطَهِّرٌ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، إذْ عِبَارَاتُ الْأَصْحَابِ صَرِيحَةٌ بِخِلَافِ مَا ذَكَرَهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ مُوَافَقَةً لَهُ فِيمَا بَعْدَهَا، إذَا تَقَرَّرَ هَذَا فَجَوَابُ قَوْلِهِ: فَإِنْ جَهِلَ حَالَهُمَا وَأَسْبَقَهُمَا فَعَلَى ضِدِّ حَالِهِ قَبْلَهُمَا: كَمَا ذَكَرْنَا، فَلْيَتَفَطَّنْ لِذَلِكَ. وَإِنْ تَيَقَّنَ طَهَارَةً وَفِعْلَ حَدَثٍ فَقَطْ، أَيْ: دُونَ كَوْنِهَا عَنْ حَدَثٍ أَوْ لَا، فَعَلَى ضِدِّ حَالِهِ قَبْلَهُمَا، أَوْ تَيَقَّنَ حَدَثًا وَفِعْلَ طَهَارَةٍ فَقَطْ بِأَنْ لَمْ يَدْرِ الْحَدَثَ عَنْ طَهَارَةٍ أَوْ لَا، فَهُوَ عَلَى ضِدِّ حَالِهِ قَبْلَهُمَا، لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنَّ مَا تَيَقَّنَهُ كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ، وَأَنَّ ضِدَّ ذَلِكَ هُوَ الطَّارِئُ، (أَوْ) أَيْ: وَإِنْ (تَيَقَّنَ أَنْ الطَّهَارَةَ عَنْ حَدَثٍ، وَلَمْ يَدْرِ الْحَدَثَ عَنْ طَهَارَةٍ أَوْ لَا) وَجَهِلَ أَسْبَقَهُمَا، (فَمُتَطَهِّرٌ مُطْلَقًا) مُحْدِثًا كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ أَوْ مُتَطَهِّرًا، لِتَيَقُّنِهِ رَفْعَ الْحَدَثِ بِالطَّهَارَةِ، وَشَكِّهِ فِي وُجُودِهِ بَعْدَهَا، (وَعَكْسُ هَذِهِ) الصُّورَةِ: بِأَنَّ تَيَقَّنَ الْحَدَثَ عَنْ طَهَارَةٍ، وَلَمْ يَدْرِ الطَّهَارَةَ عَنْ حَدَثٍ أَوْ لَا (بِعَكْسِهَا)، فَيَكُونُ مُحْدِثًا مُطْلَقًا كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ مُحْدِثًا أَوْ مُتَطَهِّرًا، لِتَيَقُّنِهِ نَقْضَ الطَّهَارَةِ بِالْحَدَثِ، وَشَكِّهِ فِي الطَّهَارَةِ بَعْدَهُ، وَهَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ الشَّكُّ قَبْلَ الصَّلَاةِ أَوْ فِيهَا، وَأَمَّا بَعْدَهَا فَلَا يُؤَثِّرُ فِيهَا مُطْلَقًا. (وَلَا وُضُوءَ عَلَى سَامِعَيْ صَوْتِ) رِيحٍ مِنْ أَحَدِهِمَا لَا بِعَيْنِهِ، (أَوْ شَامَّيْ رِيحٍ مِنْ أَحَدِهِمَا لَا بِعَيْنِهِ) لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَمْ يَتَحَقَّقْهُ مِنْهُ فَهُوَ مُتَيَقِّنُ الطَّهَارَةِ شَاكٌّ فِي الْحَدَثِ، (وَلَا) وُضُوءَ (إنْ مَسَّ وَاحِدٌ ذَكَرَ خُنْثَى وَ) مَسَّ (آخَرُ فَرْجَهُ)، لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ أَيُّهُمَا مَسَّ الْأَصْلِيَّ مِنْ الْفَرْجَيْنِ، (وَإِنْ أَمَّ أَحَدُهُمَا)- أَيْ: أَحَدُ اثْنَيْنِ وَجَبَتْ الطَّهَارَةُ عَلَى أَحَدِهِمَا لَا بِعَيْنِهِ- (الْآخَرَ، أَوْ صَافَّهُ وَحْدَهُ؛ أَعَادَا) صَلَاتَهُمَا، لِتَيَقُّنِ كُلٍّ مِنْهُمَا أَنَّ أَحَدَهُمَا مُحْدِثٌ، فَإِنْ صَافَّهُ مَعَ غَيْرِهِ فَلَا إعَادَةَ لِانْتِفَاءِ الْفَذِّيَّةِ، وَإِنْ أَمَّهُ مَعَ آخَرَ أَعَادَ الْمُؤْتَمُّ مِنْهُمَا صَلَاتَهُ، (وَلَا) يُعِيدَا صَلَاتَهُمَا (إنْ تَوَضَّأَ)، أَيْ: إنْ تَوَضَّأَ كُلٌّ مِنْهُمَا، لِزَوَالِ الِاعْتِقَادِ الَّذِي بَطَلَتْ صَلَاتُهُمَا لِأَجْلِهِ (وَيَتَّجِهُ أَوْ)، أَيْ: وَكَذَلِكَ لَوْ تَوَضَّأَ (أَحَدُهُمَا)، وَأَمَّ الْآخَرَ أَوْ ائْتَمَّ بِهِ صَحَّ ذَلِكَ، وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ، قَالَ فِي شَرْحِ الْمُنْتَهَى: وَلَا يَكْفِي فِي ذَلِكَ وُضُوءُ أَحَدِهِمَا، لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الَّذِي أَحْدَثَ مِنْهُمَا هُوَ الَّذِي لَمْ يَتَوَضَّأْ، (أَوْ صَافَّهُ)، أَيْ: صَافَّ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ (مَعَ) مَأْمُومٍ (ثَالِثٍ) فَلَا يُعِيدُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ صَلَاتَهُ، لِعَدَمِ تَيَقُّنِ مَا يُبْطِلُهَا (وَيَتَّجِهُ لَوْ أَمَّهُ)- أَيْ: أَمَّ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ- (مَعَ) مُتَطَهِّرٍ (ثَالِثٍ فَأَكْثَرَ لَمْ يُعِدْ إمَامٌ) صَلَاتَهُ، لِعَدَمِ تَيَقُّنِهِ حَدَثَ نَفْسِهِ، (وَأَعَادَ صَاحِبُهُ) صَلَاتَهُ لِتَحَقُّقِ الْمُفْسِدِ، وَهُوَ إمَّا حَدَثُهُ، أَوْ حَدَثُ إمَامِهِ، وَأَمَّا الثَّالِثُ فَصَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ إنْ كَانَ اقْتِدَاؤُهُ عَنْ يَمِينِ الْإِمَامِ، أَوْ كَانَ خَلْفَهُ، وَوَقَفَ مَعَهُ غَيْرُهُ، لِزَوَالِ الْفَذِّيَّةِ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ.